جرمانا: ليلة من العنف والأخبار المضللة.. ما القصة ؟

كشفت مصادر أهلية في جرمانا، للسويداء 24، تفاصيل أحداث العنف التي عاشتها المدينة مساء أمس الأحد، من اشتباكات وفوضى تسببت بإصابات بشرية، وخسائر مادية.

بحسب المصادر، فقد بدأ التوتر أول أمس السبت، إثر إصابة الشاب أسامة الحلبي من أهالي مدينة جرمانا بطلق ناري طائش، أثناء محاولته فض مشاجرة بين مجموعة شبان من أهالي مخيم جرمانا، قرب مغسل الخواجة في حي كرم صمادي. والمخيم يقطنه لاجئون فلسطينيون.

الحلبي نُقل إلى مشفى تشرين في العاصمة دمشق، وكانت حالته شبه مستقرة، لكن إصابته سببت حالة غضب في أوساط أقاربه وأصدقائه من أهالي جرمانا. وبدأت تنتشر في المدينة أخبار مضللة، ولهجة عدائية ضد “الغرباء”، مع تعليق المشاكل الأمنية والخدمية عليهم.

كما انتشر مساء الأحد، خبر وفاة أسامة الحلبي، وتناقلته وسائل الإعلام منها شام اف أم وأثر برس، نقلاً عن رئيس بلدية جرمانا. لكن الحلبي لم يفارق الحياة، وفق ما أكد العديد من أهالي جرمانا للسويداء 24. وقد أرسل لنا أحد المصادر تسجيلاً صوتياً سجله الحلبي، الساعة الحادية عشرة ونصف مساء الأحد، يؤكد فيه أنه بصحة جيدة، نافياً أخبار وفاته.

كل ذلك، ساهم في تأجيج حالة التوتر، حيث هاجم عشرات الشبان من مدينة جرمانا، محلات تجارية لفلسطينيين في حي كرم الصمادي، ومخيم جرمانا، وحصلت أعمال عنف واشتباكات بالأسلحة البيضاء والعصي، تخللها إطلاق نار كثيف، بالتزامن مع انتشار الخبر الكاذب عن وفاة أسامة الحلبي.

ولم تخلو موجة العنف من تحريض عنصري على المقيمين في المدينة، فقد انتقلت الاشتباكات إلى الشارع الرئيسي في جرمانا، إذ اعتدى العشرات على محلات تجارية لمقيمين عراقيين، بين ساحة الرئيس ومول المدينة.

وبحسب أحد سكان جرمانا، فإن بعض هذه المحلات أُشيع أنها عبارة عن ملاهي ليلية. ولم يتسنى لنا التحقق من مصادر مستقلة إن كانت كذلك فعلاً.

وتسببت أحداث العنف بإصابة عدة أشخاص بجروح متفاوتة، مع تسجيل أضرار مادية في المحلات التجارية. ولا توجد أي أنباء مؤكدة حتى الآن عن تسجيل وفيات.

مصادرنا أشارت إلى محاولات حثيثة بذلها وجهاء جرمانا لاحتواء حالة التوتر، إذ اجتمع العشرات من أبناء المدينة أمام منزل شيخ جرمانا الدكتور أبو عهد هيثم كاتبة بطلب منه. الشيخ كاتبة، طالب بوقف أعمال العنف، ودعا للانسحاب من الشوارع وتحكيم لغة العقل، ولقيت دعوته تجاوباً من معظم شباب المدينة.

ويبدو أن أنباء دخول تعزيزات أمنية كبيرة إلى جرمانا مبالغ فيها أيضاً، فبحسب أهالي المدينة، لم تدخل القوى الأمنية إلّا بعد انتهاء المشكلة، وكان انتشارها محدوداً في بعض المناطق الرئيسية في المدينة.

الملفت، كان انتشار سيل من الشائعات والأخبار المضللة حول الأحداث في جرمانا، والتي قد تكون بعضها ساهمت في تفاقم أحداث العنف.

كما انتقل التحريض إلى مواقع التواصل الاجتماعي في السويداء، إذ انتشرت تدوينات تدعو شباب المحافظة للتوجه إلى جرمانا، ومناصرة أهلها، مع العلم أن الإشكال نفسه قد يحصل في أي مدينة أو حتى قرية صغيرة، والوعي هنا يكمن في معالجة المشكلة، لا في توزيع الاصطفافات دون أدنى معرفة حتى بطبيعة الخلاف، وأطرافه.

أحد أبناء جرمانا ختم رسالته في حديثه مع السويداء 24: هنا، مدينة تعاني كل فئاتها من تهميش مقصود، وتدهور حاد في ظروف المعيشة، كما في كل بقعة من سوريا. غضب يجتاح صدور الناس، وربما ينفجر بموجات عنف بينهم كما حصل في جرمانا أمس. والأجدى بنا، أن يكون هذا الغضب ضد من يحرمنا من حقوقنا، ويكوينا بسياساته الجائرة.