السويداء: انفجار لغم.. أو جريمة قتل ؟

لقي ثلاثة مجندين في الجيش السوري حتفهم، وأصيب اثنين آخرين بجروح، بينهما ضابط، يوم الخميس الماضي، في ريف السويداء الشمالي الشرقي. الحادثة مرت مرور الكرام، بعدما أشيع أنهم قضوا بانفجار لغم.

مصادر خاصة للسويداء 24، كشفت أن الجنود الثلاثة لم يُقتلوا بانفجار لغم أرضي كما أشاع المسؤولين عنهم، إنما كانت كل الإصابات بعيارات نارية. وأكدت المصادر عدم وجود آثار لشظايا على أجسادهم، ما ينفي فرضية الألغام.

الرواية المتناقضة عن مقتل الجنود بانفجار لغم مع طبيعة الإصابات بالرصاص، دفعت السويداء 24 للتحقيق وراء الحادثة. وحصلت الشبكة على مؤشرات وشهادات عديدة، أظهرت فرضية ثانية أكثر منطقية من انفجار اللغم، وهي وجود جريمة قتل ارتُكبت داخل الموقع العسكري الذي قُتل فيه العناصر.

تكتم شديد على الحادثة

في وقت متأخر من ليل الخميس الماضي، وصل إلى مشفى شهبا الحكومي، جثامين المجندين حسام عقلة، ومحمد قدور، وأحمد ديب، إضافة إلى مصابين اثنين هما الملازم أول زين محمد، والمجند يوسف محفوظ. تم بعدها تحويل المصابين إلى الجناح العسكري في مشفى السويداء الوطني.

الضابط المسؤول الذي وصل مع القتلى والمصابين، قال إن لغماً أرضياً انفجر بهم في منطقة تل أصفر شمال شرقي السويداء، مع تكتم شديد على تفاصيل الحادثة. صدرت الرواية لوسائل الإعلام المحلية وحتى لذوي الضحايا على هذا الأساس، وتم تشييع المجندين الثلاث كشهداء قضوا في مهمة عسكرية.

الجنود قُتلوا داخل موقعهم

أشارت مصادر السويداء 24، إلى أن القتلى الثلاث والمصابين، من عناصر الفرقة 15 قوات خاصة، يخدمون في موقع عسكري بجانبه نقطة تفتيش في قرية الساقية شمال شرقي السويداء.

في ليلة الحادثة، سمع سكان المنطقة إطلاق نار من داخل الموقع العسكري المذكور، وعندما حاول بعضهم التوجه إلى المكان للاستفسار عمّا يحصل، منعهم عناصر الجيش وطلبوا منهم العودة إلى منازلهم على الفور.

ولم يسمع السكان أي صوت لانفجار في المنطقة التي دوّى فيها إطلاق النار. وبعد نصف ساعة تقريباً، وصلت سيارة وأسعفت القتلى والمصابين، ما يؤكد أن الحادثة وقعت فعلاً داخل الموقع العسكري، فمن أين سيأتي اللغم إلى داخل الموقع ؟

هل قتل الضابط عناصره ؟

تواصلت السويداء 24 مع مجندين يخدمون في نفس الموقع، بعضهم امتنع عن الحديث، وآخرون تحدثوا عن رواية اللغم. لكن تناقض روايات العناصر عزز الشكوك بالفرضية، فأحد المصادر قال إن لغماً انفجر بسيارة كانت تقل العناصر قرب تل أصفر، وآخر تحدث عن مهمة تمشيط في تلال الصفا.

لكن شهادة من عنصر يخدم في موقع بنفس القطّاع، حسمت الجدل بوجود جريمة قتل جرى التكتم عليها. المصدر أكد أن العناصر الثلاث قُتلوا بإطلاق نار نتيجة خلاف مفاجئ لا يعرف أسبابه، نشب داخل الموقع الذي يخدمون فيه.

وأضاف: “مجرد السؤال عن الحادثة قد يكلفني حياتي، لكن ما عرفته أن الضابط الذي أصيب بالحادثة هو من قتل زملاءه، ليس لدي أكثر من ذلك، وأتمنى عدم ذكر اسمي”.

ولن نضع هنا اسماً معيناً في قفص الاتهام، لكن كل المعطيات والشهادات التي تابعتها السويداء 24، تشير إلى وجود جريمة قتل، أو على الأقل، رواية مختلفة تماماً عن فرضية انفجار اللغم التي أشاعها المسؤولون عن الموقع العسكري.

وتبقى ضرورة إغفال أسماء جميع المصادر حفاظاً على سلامتهم، وصعوبة وصول الإعلام لكشف المزيد من التفاصيل عن الحادثة، وحساسية الملفات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية، عواملاً تعيق الوصول إلى الحقيقة. ونضع كل هذه المعطيات برسم الرأي العام، وقيادة الفرقة 15 والفيلق الأول، لعل تحقيقاً شفافاً يفتح بالحادثة ويُنصف الضحايا.