في عيد الأم، أمهات من #السويداء سرقت الحرب أبناءهن.!

يعتبر يوم 21 آذار من كل عام عيداً للأم، يحتفل به في العديد من دول العالم كنوع من التكريم للأم على تضحياتها في بناء الأسرة وتربية الأبناء.

إلا أن سنوات الحرب في سوريا تركت غصتها في قلوب مئات الأمهات، فمنهن من فقدت ابنها في تفجير وأخرى قضى فلذة كبدها بحرب لا ناقة له ولا جمل، وواحدة تدعو ربها أن يطلق سراح ابنها المسجون، وغيرهن كثيرات.

وكان لفريق السويداء 24 عدداً من اللقاءات مع أمهات من السويداء، تحدثوا عن وقع الحرب عليهن وما تركته من آلامٍ تركت ندباً في قلوبهن قد لاتزول.!

الحرب أدمت قلوبنا

أم ماهر سيدة خمسينية، تنحدر من مدينة السويداء قالت للسويداء 24 أن العيد ذكرى سيئة لها، فابنها تم سوقه إلى الخدمة العسكرية وهو قادم من لبنان دون أن تتمكن من رؤيته، ولم تمض سوى أشهر قليلة حتى جاءها نبأ “استشهاده”، “راح فدى الوطن”، وأضافت “عن أي وطن تكلموا ألم يغرّبه الوطن لسنوات، الوطن حرمني من ابني مرتين، الأولى عندما رفض توظيفه فسافر بحثاً عن لقمة عيش كريمة، والثانية عندما قتله بزجه بحرب الفائز منها خاسر”.

وبحديث اختصرته الدموع قالت أم عماد، المولودة في ريف السويداء الشرقي، بأن ابنها الصغير استيقظ باكراً فيما عُرِفَ لاحقاً بتموز الأسود، وحمل سلاحه، وخرج، “داعش هجمت ياما، اليوم عند جارنا وبكرا عنا” توسلت إليه كثيراً ألا يذهب، فأنا أمٌّ لن أفرط بابني، لكنه لم يسمعني فقبّلته ومضى، ساعات قليلة عاد إليَّ محملاً على نعش “ياليتني متُّ قبلهُ”.

تقرير مخبر يدمر حياة أسرة

أم ثامر، وهو اسم مستعار، لوالدة من ريف السويداء الغربي، قالت بأن ابنها كان بمدينة جرمانا قبل نحو 8 سنوات عندما داهمت المخابرات السورية منزله واقتادته بطريقة وصفت بالوحشية، ليصلها الخبر سريعا بأن أحد المخبرين في حي الحمصي كتب تقرير بابنها كونه على خلاف معه، وكونه مخبر وله صلات أمنية كثيرة تم اعتماد تقريره وسوق ابنها إلى أقبية المعتقلات، متنقلاً من فرع إلى آخر، إلى أن انقطعت الأخبار عنه منذ مدة.

وتكمل الأم “معقول تقرير يخرب حياة أسرة، معقول حياة شخص تروح بورقة، نحنا طالبنا بمحاكمة ابني محاكمة عادلة، إذا غلطان يتحاسب وإذا بريء يطلع، الله لايسامح يلي كان السبب”

فساد وفقر ومعيشة حدث ولاحرج

لم تسلم الأم السورية عموماً وفي السويداء خصوصاً، من وقع انتشار الفساد في الدوائر الحكومية والقرارات المصيرية على حياتهن،

ففي مدينة شهبا شمال السويداء، التقينا بأمهات فرقت الهجرة بينهم وبين أبناءهن، أم صياح أوضحت ودعت قبل سنوات ابنها البكر الذي سافر إلى ألمانيا، “ابني الصغير لم ينوي السفر يوماً، فهو ناجح في دراسته وحصّل معدل ممتاز ليكمل دراساته العليا، وعندها أتت منحة للطلاب الأوائل في جامعته، تبشر خيراً وقدم اسمه وهو واثقٌ من قبوله، إلا أن ما حصل أصابه بالصدمة فمن استفاد من المنحة هم أبناء المسؤولين ومعدلاتهم أقل بكثير، لذلك راسل إحدى الجامعات في ألمانيا وسافر إليها، والسنة الماضية استطاع جلب أخويه”.

لتبقى الوالدة وحيدة مع زوجها، يصبّرُ قلبها أن أولادها بخير، وينعمون بحياة هادئة في دولة ذات قانون لا يحرم المواطن من حقه، وتأمل أن يبقوا بعيداً عن كوارث الحرب الطاحنة وعن فساد أودى بالمئات من العقول الشابة إلى غياهب الهجرة.!

فيروس كورونا والأسعار المرتفعة تنغص الأمهات بعيدهن..!!

صادف قدوم عيد الأم، دعوات حكومية ومطالبات من ناشطين بالحد من التجمعات، للوقاية من وباء فيروس كورونا، ورغم عدم التزام الجميع لهذه الدعوات إلا أن تأثيره أتى واضحاً على العديد من العائلات التي حرم كورونا الأمهات من الاحتفال مع أبنائهن وخصوصاً المتزوجين، فاكتفوا بتهنئتهن عن طريق الانترنت والإتصالات الهاتفية.

فيما اقتصرت الأجواء الاحتفالية لدى الكثيرين على أبسط الأمور، لتجنب الأعباء المادية في ظل ظروف معيشة صعبة، حيث تشهد الأسواق ارتفاعاً غير مسبوق بالأسعار مترافق مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين.

ورغم كل شيء ستبقى قُدسية الأمومة محفوظة، وتخصيص هذا اليوم ليس فقط اعترافاً بجميل الأمهات على أبنائهم، بل تذكيراً للأبناء بالنعمة الإلَّهية التي مُنحت لهم، لتبقى هي الأمان والسند ولتكن شعلة تسير على نورها الأجيال.