ميليشيات توسع نشاطها لاستقطاب الشباب بالسويداء مستغلة الوضع الاقتصادي

تحقيق خاص – تزايدت ظاهرة تجنيد الشباب ضمن ميليشيات متعددة الولاءات في محافظة السويداء، إذ تستغل الميليشيات الظروف الاقتصادية المتدهورة وارتفاع نسبة البطالة، لتزج بهم في مناطق مختلفة خارج المحافظة.

وتشير مصادر السويداء 24، إلى أن الأشهر القليلة الماضية شهدت تجنيد مئات الأشخاص من أبناء المحافظة، من قبل أطراف مختلفة، بينها ميليشيات مدعومة من إيران، وشركات أمنية مدعومة من روسيا، إضافة إلى ميليشيات تابعة لأجهزة المخابرات السورية. في ظل عزوف الكثير من الشباب عن الخدمة في صفوف الجيش السوري.

وتتشابه إجراءات الإطراف والميليشيات في تجنيد الشباب من حيث إجراء تسويات للمطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري، ما يؤكد وجود تنسيق عالي المستوى مع وزارة الدفاع والسلطات السورية، وتختلف في أماكن ومدة الدوام والرواتب الشهرية.

إيران تدفع أبخس الأثمان

افتتحت ميليشيا “الدفاع المحلي” مكتباً لتجنيد الشباب في محافظة السويداء مطلع العام الحالي، ويشرف على المكتب شخصين من أبناء المحافظة، حيث تؤكد مصادر السويداء 24 عدم وجود شخصيات لبنانية أو إيرانية ضمن المكتب الموجود في الطابق الرابع من برج المدينة.

ويستقطب المكتب شباب المحافظة لتجنيدهم في “دير الزور” و”البوكمال” حيث تنشط ميليشيات إيرانية شرق سوريا، وبادية تدمر في ريف حمص، مقابل رواتب شهرية تبدأ من 75 ألف ليرة سورية، ما يعادل 30 دولار أمريكي، بمهام التثبيت في المواقع العسكرية وعلى نقاط التفتيش التابعة للميليشيات الإيرانية.

إعلان تجنيد على فيس بوك.

وقال أحد الشباب الذين تطوعوا في ميليشيا “الدفاع المحلي”، إنه خضع لدورة تدريبية مدتها 8 أيام في منطقة عسكرية قرب مدينة “ضمير” بريف دمشق، مؤكداً أن أشخاص من إيران أشرفوا على تدريبهم، ويخدم الشاب حالياً على نقطة تفتيش في ريف دير الزور.

صورة خاصة من موقع تدريب عناصر ميليشيا الدفاع المحلي

ويضيف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عدد المنتسبين من المحافظة ضمن الميليشيا لا يتجاوز 50 شخصاً، مؤكداً عدم وجود مقرات للدفاع المحلي داخل محافظة السويداء، وعدم وجود مهمات للميليشيا المذكور ضمن المحافظة.

وتعد ميليشيا “الدفاع المحلي” إحدى المليشيات السورية المحلية، التي شكلتها ودعمتها إيران في سوريا منذ عدة سنوات، على غرار “الدفاع الوطني”، وقد عاودت ميليشيا “الدفاع المحلي” فتح باب الانتساب لها في العديد من المحافظات السورية خلال الأشهر القليلة الماضية، وفق تقارير صحفية.

روسيا تجنيد بالدولار الأمريكي

عملت الشركات الأمنية المدعومة من موسكو على استقطاب الشباب السوريين وتجنيدهم ضمن فئتين، الأولى خارج الأراضي وتحديداً في ليبيا، والثانية داخل سوريا في مناطق تواجد القوات الروسية لحماية المنشآت والثروات التي تسيطر عليها روسيا في سوريا.

صورة من أرشيف السويداء 24 لدفعة شبان ارسلوا إلى ليبيا.

وتعد شركة “الصياد لخدمات الحراسة والحماية” من أبرز الجهات التي أشرفت على استقطاب الشباب في محافظة السويداء، حيث جندت المئات وأرسلتهم إلى ليبيا عبر قاعدة “حميميم” وتلقوا تدريبات من ضباط روس في ليبيا وشاركوا في حماية منشآت نفطية تسيطر عليها القوات الروسية هناك، مقابل رواتب وصلت إلى 1000 دولار شهرياً، وفق شهادات عديدة لشبان عادوا من ليبيا.

شابين من السويداء في ليبيا.

كما عملت الشركة المذكورة عبر وكلائها في محافظة السويداء على تجنيد العشرات إلى جانب الشرطة العسكرية الروسية في مواقع حقول الغاز بريف حمص، وفي منطقتي “أثريا” و”خناصر” مقابل رواتب شهرية وصلت إلى 200 دولار شهرياً.

استمارة انتساب للميليشيات.

المخابرات الجوية على الخط

وثقت السويداء 24 في شهر كانون الأول/ديسمبر 2020، تجنيد جهاز “المخابرات الجوية” السوري، لحوالي 100 شاب من أبناء المحافظة، ونقلهم إلى منطقة “خناصر” في ريف حلب، مقابل راتب شهري قدره 100 ألف ليرة سورية لكل عنصر، ما يعادل قرابة 35 دولار أمريكي.

مجموعة وكلاء يسجلون اسماء منتسبين للميليشيات في السويداء.

كذلك جند الجهاز مطلع العام الحالي قرابة 50 شاباً من السويداء بنفس الرواتب الشهرية، ووضعهم على حواجز ونقاط تفتيش أمنية، في ريف دير الزور، بمعدل دوام 20 يوم، مقابل عطلة مدتها 10 أيام. ويشرف على عمليات التجنيد وكلاء من أبناء المحافظة مرتبطين بالفرع المذكور وفق ما أكد عدد من الشباب الذين تم تجنيدهم للسويداء 24.

مجموعة شبان من السويداء جندتهم المخابرات الجوية.

عزوف الشباب عن الخدمة بالجيش السوري

رغم أن معظم الشباب الذين يلتحقون بالميليشيات، مطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري، إلا أن أسباب عديدة تدفعهم لعدم الالتحاق في صفوف الجيش السوري، واختيار الانتساب إلى الميليشيات.

يقول أحد المنتسبين للميليشيات، إن من أبرز أسباب عدم التحاقه بالجيش، سقف الرواتب المنخفض الذي لا يتجاوز 50 ألف ليرة شهرياً للمجند، و70 ألف ليرة في فترة الاحتفاظ، وانتشار الفساد والمحسوبيات، وصعوبة الحصول على إجازة بدون دفع المال “تفييش”، ناهيك عن عدم وجود مدة محددة للخدمة منذ بداية الحرب.

وتعد عملية تجنيد الشباب ضمن الميليشيات أو ما يعرف ب “القوات الرديفة” ظاهرة بدأت مع بداية الحرب في سوريا، إلا أنها تنامت في الأشهر الماضية في ظل سباق محموم بين إيران وروسيا على تجنيد الشباب السوريين حيث يسعى الطرفان من خلال ذلك وراء مصالحهما فقط.

وتجدر الإشارة إلى أن عمليات تجنيد الشباب السوريين ضمن هذه المليشيات ولحساب الاطراف المذكورة بالتحقيق، تجري في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، في ظل تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، مما يسهل عمليات التجنيد.