قوات مكافحة الارهاب وفن الوقوع في الخطأ

منذ الإعلان عن تشكيلها تواصل “قوات مكافحة الارهاب” التابعة لحزب اللواء التمترس في الخطأ. فامتهنت تلك القوات خلال أسابيع قليلة، تجريب المجرب، مرتكبة ذات الأغاليط التي اعتادها مسلحو الأزمة السورية، نظاماً ومعارضة، من أكاذيب وتلفيق للاتهامات وانتهاك لحقوق الانسان. لكن ما يميّز هذه القوات، هو إمعانها في الخطأ.

ولا يبدو هنا أن القائمين على هذه القوات، والحزب خلفها، يتمتعون بأي قدرة على تحديد أهدافهم الحقيقية، إن كان هناك أي منها. فالتخبط بلا وجهة واضحة، واستخدام خطاب لا يتطابق مع الأفعال، باتا السمة السائدة لهما. وفي معرض توضيح ذلك، يمكننا إعادة ترتيب ما حدث في المزرعة قبل أيام، بناء على معلومات دقيقة من مصادر متقاطعة:

مرّت سيارة فيها مسلحين من عشائر البدو، ربما تُقلُّ شحنة مخدرات، ولم تتوقف على الحاجز المباغت الذي نصبته “قوات مكافحة الارهاب”. عناصر الحاجز بادروا باطلاق النار، ما تسبب بإصابة أحد الركاب. السيارة تابعت مسيرها ودخلت حارة البدو في المزرعة. وبعد ذلك، اقتحمت “القوات” حي البدو وخطفت جثة قتيل، وعلقتها في ساحة البلدة وسط طقس احتفالي واطلاق نار. القوات أصدرت بياناً عن مهاجمة حاجزها من قبل ارهابيين.

بعد ساعات، ألقت “القوات” القبض على اثنين من البدو، كانوا في سيارة تحمل مازوتا. ربما، كانوا على علاقة مع السيارة الأولى وركابهما، وربما لا. “القوات” خطفت الشابين، وعذبتهما، فقتل أحدهما بعد ساعات تحت التعذيب. وفي محاولة للتغطية على الأمر، أصدرت “القوات” فيديو للمختطف الثاني، يقول فيه بعلاقته بالأمن العسكري وتجارة المخدرات والسيارات المسروقة، وبوجود مؤامرة مدبرة لمهاجمة حاجز “القوات” من 3 جهات بتوجيه من الأمن العسكري. الاعترافات طالت بالاضافة لأسماء معروفة بتجارة المخدرات، خصوماً سياسيين لحزب اللواء، وخصوماً جنائيين لأحد الوجهاء التقليديين، وخصوماً عشائريين للشاب المخطوف.

القوات سعت لحلحلة الموضوع عبر التواصل مع عشائر البدو التي رفضت التجاوب معها. لذا، لجأت القوات للتواصل مع الوجيه العشائري راكان الخضر في الأردن، وعقد اتفاق معه، على اطلاق سراح المخطوف الحي مقابل سكوته عما جرى معه. الاتفاق تضمن أيضاً تسليم جثة القتيل. وصدر بيان عن “القوات” يقول بـ”وأد الفتنة” وسط وعد بالتحقيق في ملابسات حادثة تعليق الجثة، ولم يتطرق لمقتل البدوي الثاني تحت التعذيب.

المخطوف تم تسليمه من منزل قائد القوات سامر الحكيم. جثة القتيل المشوهة، تم احراقها ورميها في مدينة السويداء، بعدما رفضت أكثر من جهة تسلّمها. فأصدرت “القوات” بيانا، تؤكد فيه على تحمل مسؤولية ما جرى، والتحقيق على أعلى المستويات مع فريق التحقيق فيها المسؤول عن مقتل الشاب المخطوف.

وفي الصورة المرفقة بالبيان، مجموعة من قوات مكافحة الارهاب مقيدي الأيدي من الخلف، ووجوههم مغطاة بملابسهم المقلوبة. وهنا، باتت القوات متعددة المواهب، إذ تلعب دور القاضي، الحكم، المحقق، النيابة العامة، المدعي، والمتهم.

منذ الاعلان عن تشكيلها، تواصل “قوات مكافحة الارهاب” وحزب اللواء، استعداء المحيط المجتمعي لهما، وسط غموض في الأهداف الحقيقية لهما، وفي مصدر التمويل. في كل خطوة لها، اقترفت تلك القوات خطأً، وحين اضطرت للتراجع عن أحد العثرات اقترفت خطأً أكبر، وهكذا دواليك. وكأن هذه “القوات” لا تتقن إلا الوقوع في الخطأ.