رأي| من يدفع بالأوضاع في السويداء للانفجار؟

مع ذكرى انتفاضة آذار 2011، يستذكر السوري اليوم السنوات الماضية، وكيف نجح خلالها أصحاب السلطة في تدمير البلاد وتهجير العباد، بسبب عسف الإدارة واعتماد العنف العاري وسيلة وحيدة لقمع المطالبين بالتغيير.

واليوم، ليس لدى السلطة ما تقدمه للسوريين سوى القمع. النهب وماكينة الحرب وجيوش الغزاة، استنزفت الموارد الشحيحة المتبقية. فماذا في جعبة سلطة كهذه لتقدمه لأهالي السويداء؟

التعزيزات الأمنية المتتالية ليست لخير. السلطة قالت إنها جاءت لضبط الأمن، واجتثاث عصابات الخطف والقتل والسلب. لكن، يمكن لأي مراقب محايد أن يتيقن من تهافت تلك الادعاءات. اجتماعات أمنية متتالية، لا لوقف تهريب المخدرات إلى الأردن، أو لنزع سلاح العصابات المرتبطة بأجهزة الأمن، بل لتقطيع أواصر المحافظة، والتضييق والتخويف التدريجيين على رافضي سياسة التجويع والقمع، والمطالبين بأبسط الحقوق المشروعة: لا للجوع، ولا للبرد.

وإلا، فما معنى نشر الملثمين المسلحين، والسيارات المدرعة، بين المدنيين، في الساحات الرئيسية ومداخل مدينة السويداء. الجميع يعلم أن الأجهزة الأمنية ستحول ذلك الانتشار إلى حواجز أمنية، تقطع أوصال المدينة، وتزيد التضييق على أهلها، وتفتعل المشاكل حتى تتحول إلى أمر واقع.

الحملة التي أعلنت السلطات أنها مخصصة لمواجهة العصابات، انحرفت منذ اللحظة الأولى عن هدفها، وستتابع تنفيذ أجندتها الخفية/المعلنة: حجز السيارات غير النظامية، فرض التجنيد الاجباري على الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية، ملاحقة الناشطين السياسيين والمدنيين. في كل الأحوال، لن يتفاجئ أحد عندما يجد رجال العصابات، يقفون كتفاً إلى كتف، مع زملائهم في فروع الأجهزة الأمنية، لاعتقال المعارضين وتنفيذ المهام الأمنية.

لمصلحة من يجري الدفع بالأوضاع في السويداء للانفجار، في ظل وضع معيشي وخدمي كارثي، حيث تغيب الثقة بين الناس والسلطة، والعقد الاجتماعي بات نسياً منسياً بعدما تحللت السلطة من كل واجباتها ومسؤولياتها؟ لماذا تهدد السلطة الناس بالحملات الأمنية، بينما لا تسند بطونهم الجائعة بكسرة خبز خارج بطاقاتها الذكية، ولا تسوق محاصيلهم التالفة، ولا تبعد عنهم المواد الملوثة في شرابهم وطعامهم، ولا تدفع عنهم البرد، ولا تأتي لهم بالكهرباء؟ لماذا الحملات الأمنية في بلد يحلم الكل بمغادرته كما تشهد الطوابير التي لا تنتهي أمام دوائر الهجرة والجوازات؟ إلا تخجل سلطة كهذه؟ أليس لها وجه؟

مرة أخرى، تطرق هذه السلطة الأبواب الغلط. وكأنها تتعمد ألا تفهم حساسية الوضع في السويداء، وأن أهلها يرفضون تقطيع أوصالها بالحواجز الأمنية، التي ستتحول بعد فترة قصيرة إلى حواجز تشبيح ونهب وفرض للخوات، ولحماية أبطال العصابات.

بعد 11 عاماً من انفجار الوضع السوري، هذه السلطة لم تتعلم، ولن تتعلم البديهية الأولى: لا حل عسكرياً لمشاكل اجتماعية، لا في السويداء، ولا في غيرها. التخويف والإرهاب سيؤجلان الانفجار فحسب.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع