قفزت إيجارات المنازل والشقق السكنية، في مختلف أحياء مدينة السويداء، بشكل ملفت، خلال عام واحد، وبمعدل وصل إلى 200%، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية. فكيف أصبحت الإيجارات، وما أسباب ارتفاعها ؟
مطلع العام 2021، كان متوسط إيجار الشقّة في مدينة السويداء، يبلغ 50 ألف ليرة سورية، ومنذ مطلع العام الحالي 2022، وصل إلى 150 ألف ليرة، إذ باتت تتراوح الإيجارات بين 100 ألف و300 ألف ليرة سورية، وتختلف القيمة، بحسب موقع الشقّة، ومساحتها، وإكساءها.
تزايد الطلب على الإيجارات، في مدينة السويداء، اعتبره مسؤول في مجلس المدينة، أحد أسباب ارتفاع الأسعار، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد سكان المدينة تجاوز 200 ألف نسمة، نتيحة تزايد الهجرة من الريف إلى المدينة، موضحاً أنه شكّل عبئاً على البنى التحتية. لكن تقديرات عدد السكان الصادرة عن نفس الجهة، في عام 2015، أشارت إلى إن عدد السكان في المدينة وصل إلى 200 ألف نسمة حينها، وهذا يعني عدم وجود تزايد ملموس في أعداد السكان.
في حين قال أحد أصحاب المكاتب العقاريّة، للسويداء 24، إنّ قرار الحكومة الأخير في رفع الدعم عن شرائح واسعة من المواطنين، والتي طالت أكثر من 600 ألف أسرة سوريّة، صنعت موجة ارتفاع للأسعار التي شملت مختلف القطاعات، ومنها إيجار العقارات.
مبيّناً أنّه ومع صدور القرار، بدأ المواطنون الذين رُفع الدعم عنهم، بالبحث عن أي فرصة لزيادة دخلهم الشهري، من خلال عقاراتهم وبيوتهم المسندة على الاستثمار كإيجار سكنيّ، ما أدى إلى تحميل شريحة عريضة من المستأجرين أعباء مادية كبيرة في ظل تدهور الوضع المعيشي.
وأوضح المصدر، أن قيمة الشقّة المكسية، في مدينة السويداء، لا تبدأ بأقل من 60 مليون ليرة سورية، وتصل إلى 150 و200 مليون ليرة، بحسب الموقع والمساحة، وذلك نتيجة الارتفاع المزمن لأسعار مواد البناء. وبالتالي فإن قيمة الإيجارات لا تزال بالحد المعقول، إذا ما قارنّاها بقيمة الشقق، لكن بالنسبة للشريحة الأكبر من السكان القاطنين في الإيجار، فإن هذه الإيجارات قاسية عليهم، بسبب تدني مستوى المعيشة والدخل.
موظّف حكومي لا يتجاوز راتبه المقطوع 150 ألف ليرة شهريّاً، يتحدّث للسويداء 24 عن تهديده باخلاء منزله وتصفيته مع عائلته دون مسكن، بسبب الغلاء الحاصل بإيجار المنازل. يقول: دخلي الشهريّ من راتبي وعملي كسائق تكسي مساءً يضاف لهم عمل زوجتي الموظّفة أيضاً، لا يسعفنا حتّى بثلثيه ليغطّي تكلفة أجار المنزل، وما تبقّى منه يجب أن يكفينا أكلاً وشرباً ونفقات الحياة الكثيرة أنا وعائلتي المكوّنة من أربعة أفراد.
وأوضح بأنّه كان يدفع العام الماضي، 40 ألف ليرة سوريّة لقاء كلّ شهر إيجار، لتزداد قيمته بعد تجديد العقد مع صاحب الملك إلى 200 ألف شهرياً، وعليه تفاقمت معاناته الماديّة، في ظل الغلاء الفاحش الذي يضرب البلاد.
حقّ السكن لأبناء هذه البلاد، ربّما صار من النُكات والهرطقة بالأحاديث أحياناً، بعد أن صار سماعها ثقيلاً على المواطنين، وتأتي بعد أنّ تنطّحت السلطة السوريّة طوال 50 عاماً بشعاراتٍ “كتأمين مسكن لكلّ أسرة سوريّة واجب وطني” عبر اتحادها السكني الذي حلّته فيما بعد. هذه السلطة التي خرجت بجملة من القرارات والمراسيم، دبّت الفقر والعوز والذلّ في مساكن السوريين، لتصبح نفسها تلك المساكن، ثُقلاً يرهق كاهل من احتاج أو اعتاش عليها. والمعاناة هنا على الجميع، المؤجر والمستأجر.