السويداء: لماذا فشلت التسوية في استقطاب المتخلفين ؟

مع انقضاء اسبوع على إنطلاق عملية التسوية في محافظة السويداء، لم يتخطى عدد الذين تقدموا لإجرائها، ألف شخص، وفق ما أكد مصدر خاص للسويداء 24.

وانطلقت التسوية، بإشراف المخابرات العامة، والفرقة الرابعة، يوم السادس من الشهر الجاري، في صالة عامة بمدينة السويداء. ليشهد اليوم الأول مهرجاناً استعراضياً، لم يعكس الصورة الحقيقية للإقبال على التسوية، وبدا ضعف الإقبال واضحاً في الأيام التالية، وفق صور انتشرت على مواقع التواصل.

تسوية مكررة

يرتبط ضعف الإقبال على التسوية، بعدم اختلاف شروطها عن التسويات التي سبقتها، إذ تستهدف بالدرجة الأولى، المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والإحتياطية، لتمنحهم مهلة ستة أشهر، عليهم بعدها الالتحاق بالخدمة، مع وعود بأن تكون خدمتهم ضمن الفيلق الاول، في جنوب سوريا.

ولا يمكن للمتخلف عن الخدمة، سواء الإلزامية او الاحتياطية، إصدار جواز سفر، ومغادرة الأراضي السورية، كما تحدد التسوية مهلة شهر واحد، للمنسحبين من الخدمة العسكرية، ويتوجب عليهم العودة إلى ثكناتهم التي انسحبوا منها، بعد انقضاء المهلة.

هذه العروض، التي تم تقديمها في تسويات سابقة، لم تغري على ما يبدو آلاف الشباب المتخلفين أو المنسحبين من الخدمة، في السويداء، والذين يزيد عددهم عن 25 ألف شاب، وفق إحصاءات غير رسمية. وكانت السلطات الأمنية قد طرحت تسويتان، في عامي 2015 و2016، إحداها تتضمن خدمة عسكرية داخل السويداء، كما تم إطلاق تسوية بوساطة القوات الروسيّة، مطلع 2021، واستمرت حتى صيف العام الجاري، ولم تحل تلك التسويات الملف.

أسباب وظروف ظاهرة التخلف

تواصلت السويداء 24، مع مجموعة من المتخلفين عن الخدمة، للإطلاع على آرائهم، في عدم الإقبال على إجراء التسوية.

بين الشعور العام بعدم ممارسة الجيش لمهامه الوطنية المفترضة، وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل حاد، إضافة إلى عدم وجود سقف محدد للخدمة، -يقضي المجند ما لا يقل عن 8 سنوات في الخدمة- وسوء المعاملة من الضباط، والفساد المستشري في المؤسسة العسكرية، تتعدد الأسباب التي تجعل الشباب يرفضون أداء الخدمة العسكرية، ويفضلون البقاء كمطلوبين داخل المحافظة.

وبرزت ظاهرة التخلف عن الخدمة العسكرية، في محافظة السويداء، منذ العام 2014، بعدما ترسخ الشعور لدى غالبية أهالي السويداء، بأن البلاد تشهد حرباً أهلية، بأبعاد طائفية. لتشهد المحافظة تحوّلات عديدة، كان أبرزها ظهور تشكيلات محلية مسلحة -خارج إطار السلطة- حملت على عاتقها تبني قضية الدفاع عن المتخلفين، منها حركة رجال الكرامة التي أسسها الشيخ وحيد البلعوس.

وشهدت تلك الفترة، انسحاب آلاف الشباب من الثكنات العسكرية، والعودة إلى محافظة السويداء، دون انخراط الغالبية منهم بالأعمال المسلحة ضد الجيش والأجهزة الأمنية. فكان انسحاب شباب السويداء من الجيش، يرتبط بنفس الأسباب التي دفعت الآلاف من أبناء المحافظة للتخلف عن الخدمة، ليعتكف عشرات الآلاف، داخل السويداء، حتى بات لا يخلو منزل في المحافظة، من متخلف عن الخدمة، أو منسحب منها.

مطالب بتأجيل إداري

ويواجه المتخلفون عن الخدمة، تحديات عديدة، أبرزها حرمانهم من التنقل داخل الأراضي السورية، وعدم القدرة على مغادرة البلاد، إلّا بطرق غير شرعية. وهذا ما جعل السويداء بالنسبة للمتخلفين، سجناً كبيراً، في وقت تعاني فيه البلاد ظروفاً اقتصادية سيئة للغاية.

يطالب المتخلفون عن الخدمة، بمنحهم تأجيل إداري، أسوة بالإجراء الذي تم اتخاذه في محافظة درعا قبل عامين. ويتيح التأجيل الإداري للمتخلفين عن الخدمة، مهما كانت مدة تخلفهم، إصدار جواز سفر، ومغادرة الأراضي السورية إذا رغبوا، خلال مدّة معينة.

هذه المطالب نقلها وجهاء السويداء، إلى مدير إدارة المخابرات العامة، اللواء حسام لوقا، الذي يبدو أنه عرّاب التسوية. وتعهد لوقا، وفق ما علمت السويداء 24، بنقل هذا المطلب إلى “القيادة” ودراسته، لا سيما وأن التسوية لم تشهد الإقبال المتوقع من الأجهزة الأمنية.

وغالباً ما تربط السلطة، مسألة المتخلفين عن الخدمة بالملف الأمني، لتتعامل مع الأمر بطريقة تقايضية، فتشترط لتفعيل الضابطة العدلية، ملاحقة المطلوبين عن الخدمة، وهذا ما يرفضه وجهاء السويداء دوماً، لتبقى مسألة المتخلفين عن الخدمة معلّقة، حالها حال الأزمات المتراكمة والمستعصية، في البلد الذي مزّقه الصراع.