جحيم الحرب يطارد السوريين إلى السودان

بعد إجلاء غالبية دول العالم رعاياها من السودان، الذي انفجر فيه نزاع دموي على السلطة قبل أقل من شهر، يواجه آلاف السوريين ظروفاً مأساوية، في ظل اقتصار جهود سلطات بلادهم على تسجيل الأسماء، والوعود.

في مدينة بورتسودان -الميناء الرئيسي للسودان على البحر الأحمر- الذي بات المعبر الرئيسي لإجلاء المدنيين الفارّين من الصراع المحتدم، يتجمع آلاف السوريين، أملاً في مغادرة السودان، “إلى أي بقعة آمنة على هذه الأرض”، كما قال أحد أبناء السويداء العالقين في المنطقة، باتصال مع السويداء 24.

يقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، “كي لا أغادر من الحرب إلى السجن”، إن أكثر من 3 آلاف سوري عالقون منذ عشرة أيام في بورتسودان، غالبيتهم يبيتون في الشوارع، بما فيهم نساء وأطفال، في ظل نقص حاد بالمؤون والغذاء، وقسوة الأجواء الحارة، إذ تتراوح درجات الحرارة بين 35-45°.

وأضاف المصدر، أن القنصلية السورية في السودان، أرسلت مندوبين عنها قبل اسبوع، لتسجيل أسماء الراغبين بالإجلاء إلى سوريا. المندوبون، سجّلوا الأسماء خمس مرات خلال اسبوع، وجمعوا جوازات السفر ثم أعادوها، دون أن يقدموا أي حلول أو حتى وعود عن وقت الإجلاء، الذي يبدو من التصريحات الرسمية للمسؤولين، غير ممكن في وقت قريب.

سوري آخر وصف للسويداء 24 معاناة العالقين، من المبيت في الشوارع، والارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية، ومن لا يملك المال، ينتظر بعض المساعدات الإغاثية التي تقدمها جمعيات خيرية. وأضاف أن بعض المقتدرين استأجروا شققاً سكنية أو غرف فندقية -ارتفعت أسعار إيجاراتها أضعافاً- بانتظار “الفرج”.

السوريون في السودان

يعيش في السودان عشرات الآلاف من السوريين، وتقدّر السلطات السورية أعدادهم بحوالي 30 ألف شخص، وتشير أرقام أخرى إلى حوالي 90 ألف سوري. بعد تفجّر النزاع على السلطة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، أشارت مصادر إعلامية إلى مقتل حوالي 15 مدنياً سورياً، خلال الاشتباكات الدامية.


ويواجه السوريون الذين فرّ غالبيتهم إلى السودان بسبب النزاع في بلادهم، تحديات وعقبات كبيرة، كمشكلة تأشيرات السفر منتهية الصلاحية، كما أن من بينهم العديد من المطلوبين للنظام السوري، لأسباب عديدة: كالمنشقين، والمتخلفين عن الخدمة، والمعارضين، ويخشى هؤلاء من مصير مجهول ينتظرهم.

الرواية السورية الرسمية

اعلنت وزارة الخارجية السورية، أنها “تتابع باهتمام كبير أوضاع الجالية السورية والبعثة الدبلوماسية في السودان الشقيق، على خلفية الأحداث الجارية هناك”. وأضافت أنها وجهت السفارة السورية في الخرطوم إلى تسجيل أسماء الجالية السورية الراغبين بالإجلاء، “وفق الإمكانات المتاحة”.

الإمكانات المتحة تبدو غير متوفرة، بحسب تصريح القائم بأعمال السفارة السورية في السودان بشر الشعار، الذي قال إن “إجلاء الجميع حالياً صعب جداً نتيجة الظروف السارية الآن” إضافة إلى “العدد الكبير للجالية والذي يصل إلى 30 ألف سوري”، مؤكداً أنّ هذا “يحتاج إلى تحضيرات وترتيبات وإمكانيات مادية ولوجستية كبيرة من مختلف النواحي”. 

وأشار الشعار إلى أنّ “السفارة ستعمل على تحضير نفسها رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها” مضيفاً أن إجلاء 10 آلاف شخص على سبيل المثال، يحتاج إلى 50 طائرة في حال كان النقل جواً، أو إلى 200 باص (50 راكب)، للنقل براً إلى المناطق الآمنة.

ولفت الشعار إلى أنّ السفارة ستسعى بالتنسيق مع الخارجية السورية لطلب مساعدة من الدول “العربية والحليفة والصديقة” مبيناً أنّ “الجالية السورية في السودان بالنسبة لإمكانياتنا كبيرة، ولكن ليست هي الأكبر فهناك جاليات أكبر من دول أخرى قريبة جغرافياً مع السودان”.