السويداء: بين المقابر.. جريمة قتل بدوافع ثأرية

أثارت جريمة قتل الشاب لؤي جميل غرز الدين بدوافع ثأرية، انتقاماً لجريمة قتل سابقة ارتكبها شقيقه، جدلاً واسعاً، لا سيما أن المقتول بريء من تصرف شقيقه الذي سلّم نفسه للجهات الأمنية.

لؤي في مطلع الثلاثينات من عمره، أب لثلاثة أطفال، يعمل على بسطة في مدينة السويداء، ويتحدر من قرية ذيبين جنوب المحافظة. في الأسبوع الماضي، خطفته مجموعة مسلحة من آل المتني، من وسط مدينة السويداء، واقتادوه معهم إلى قرية الكسيب في ريف السويداء الشرقي.

المجموعة التي اختطفت لؤي، طالبت عائلته بتسليمها شقيقه رواد غرز الدين، أحد المتهمين بجريمة قتل الشاب أسامة حمد المتني، التي وقعت في نفس تاريخ اليوم من آذار 2023. أسامة اختفى حينها في ظروف غامضة، قبل العثور على جثمانه مقتولاً على طريق الحج غربي السويداء، وقالت عائلته وقتذاك إن الجريمة ارتُكبت بدافع السرقة.

وعلى إثر الجريمة، أصدر آل غرز الدين بياناً العام الماضي أعلنوا فيه رفع الغطاء عن المتهمين بارتكاب الجريمة، الذين كانوا عدة أشخاص. سلّم آل غرز الدين أحد المتهمين للأجهزة الأمنية بعد أيام من ارتكاب الجريمة، في حين توارى عن الأنظار بقية المتهمين، ومن بينهم رواد غرز الدين الذي هرب إلى لبنان.

القضية تفاعلت من جديد الاسبوع الماضي بعد اختطاف أقارب المتني للشاب لؤي غرز الدين، إذ كانوا يطالبون بتسليمهم شقيقه رواد وشخصاً آخراً من المتهمين بارتكاب الجريمة. أقارب المتني كانوا يصرّون على أن يسلم المتهم نفسه لهم، مقابل إطلاق سراح شقيقه.

وبحسب مصادر مطلعة على القضية، فإن رواد غرز الدين عاد من لبنان وقام بتسليم نفسه لفرع الأمن الجنائي، ظناً منه أنه سينقذ شقيقه. ولم تمضِ ساعات حتى ردّ أقارب اسامة المتني بتصفية لؤي رمياً بالرصاص عند مدفن أسامة، ثم نقلوا جثته والقوها أمام مخفر الشرطة في بلدة المشنف.

مصدر من آل غرز الدين، قال في اتصال مع السويداء 24 إن جريمة قتل لؤي سببت استياءً واسعاً في أوساط العائلة، مشيراً إلى أنهم بصدد إصدار بيان حول الجريمة. وأوضح المصدر أن آل غرز الدين فعلوا كل ما في وسعهم، ولم يخرجوا عن الأعراف والتقاليد السائدة من خلال تسليم المتهم للقضاء، حتى ينال جزاءه العادل.

وأضاف المصدر أن لؤي “بريء براءة الذئب من دم يوسف” في جريمة قتل المغدور أسامة المتني، وليس له علاقة فيها على الإطلاق. مضيفاً أن العائلة سلمت أحد المتهمين بالجريمة منذ أيامها الأولى، وعادت وسلّمت المتهم الثاني اليوم الأربعاء.

السويداء 24 تواصلت مع مصادر من آل المتني، وحصلت على نسخة بيان صادر عن العائلة، تعلن فيها تبني المسؤولية عن قتل الشاب لؤي غرز الدين. آل المتني اتهموا في بيانهم ثلاثة أسماء بقتل أسامة المتني، من بينهم رواد غرز الدين.

وجاء البيان: “بعد الجريمة النكراء تدخلت الهيئة الروحية العليا في المحافظة وتم تكريمهم مع آل غرز الدين بقبول التعازي منهم، حيث قاموا بهدر دم الفاعلين امام الجميع بالفاعل بما فعل، ومنذ سنة كاملة لم يحركوا ساكنا تجاه الجناة”.

واستطرد: “منذ عشرون يوما اتصل الجاني رواد غرز الدين مع أحد الوساطات في الجريمة، على أن يقوم بتسليم نفسه إلى آل المغدور أسامة، وبعد ذلك بدأت المماطلة”. ثم لفت إلى أن أقارب أسامة احتجزوا لؤي، وأعطوا مهلة لآل غرز الدين امتدت لستة أيام، و”وبعد الضغط سلم القاتل نفسه إلى أهله” الذين سلموه للجنائية.

ولم يرضِ آل المتني تسليم آل غرز الدين المتهم للأجهزة الأمنية، فقاموا بتصفية شقيقه، الذي تؤكد جميع الأطراف أنه لا يحمل أي ذنب بجريمة قتل أسامة المتني، فحتى بيان عائلة المتني لم يتهم لؤي بالمشاركة في الجريمة.

يذكر أن السنوات القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً في معدل جرائم القتل ذات الدوافع الثأرية في محافظة السويداء، حسب توثيق السويداء 24. ويصف ناشطون حقوقيون هذه الجرائم بشريعة الغاب، التي لا تخلّف إلى مزيداً من الدماء والأحقاد بين أفراد المجتمع.