خطاب الكراهية ضد المرأة.. أمثلة بسيطة ومعاناة كبيرة

لا تتوقف أنواع الإضطهاد المجتمعي ضد المرأة عند التعنيف الجسدي أو النفسي أو اللفّظي الموجّه في النقاشات المتوتّرة بين النساء والطرف المقابل لهنّ، والذي يكون من الرجال في أغلب الأحيان، بل من أخطر الأمور، تمكين العقل الباطني للمجتمع، بالحديث بصيغة الكراهية عن المرأة في الدوام.

ورغم فضفضة المصطلح الحقوقي أي “خطاب الكراهية”، لكونه يعرّف العبارات المؤدّية للعنف والتمييز والعدوانية، إلّا أنه وبحسب تقارير أمميّة، تنال منه المرأة حصّة عن سواها كالجماعات ذات الأعراق والمذاهب الأقليّة، حين يصيب المجتمع نظرة الوصاية المحكمة عليها أو الإسقاطات المسبقة  بحكم العادات والأمثال.

تُصرُّ رنيم (اسم مستعار) على العمل والإجتهاد لتحقيق استقلالٍ ماديّ، يقيها كابوس العوز أو الحاجة لأحد، إلّا أنّ ما أسمته بنظرة المجتمع تقول، يمنعها من تقديم أفضل ما لديها من امكانات، وفق تصريحها للسويداء 24.

وتؤكد بأنّ حماسها وطاقتها الكبيرة للعمل، تحدّه عيون الناس وتقتله إذا ما شاهدوها تعود عصراً لمنزلها فهي (بنت بيوت) بقول الجيران، فضلاً عن منعها بالإقامة وحيدة لمتطلبات مكان العمل من قبل الأهل، فلا يسعها إلّا إرضاء المحيط بها، لتسطتيع إرضاء ذاتها.

نور (اسم مستعار) كذلك الأمر، لم تخفي دموعها على أحد أو انزعاجها بالتّواصل المكتوب عبر الرسائل للسويداء 24، حين أكّدت تدهور حالتها واليأس الذي أصابها جرّاء الأحكام عليها المسبقة من الأقارب والمعارف، فتقول ما لبثتُ أن خرجت من كنف زوجي بعد دعاوٍ ومحاكمات في القضاء، فنلت قرار الخلع من القاضي.

وتضيف: أيضاً نلت حكم “الإعدام” و أنا علي قيد الحياة من لسان النّاس، فاليوم لا أستطيع التحرّك بمعاملات الدولة إلا لأبرز مصطلح “مطلّقة” بالأوراق الرسمية، وبالتقديم لأي ركنٍ لأصحاب الأعمال، تشدّهم رواية الطلاق ويتأنون بالحديث بعدها، وكأنّها ترافقي مذ ولدت.

فيما أوضحت مرشدة اجتماعيّة، خطورة المفاهيم المبهمة عن النساء، سيما أنها قد صنعت تلك الحصّة من خطاب الكراهية ضدهنّ، وتقول بأنّ من تلك المفاهيم ماهو قيد التحديث الإجتماعي الشعبي، أي بظنّ الرجال أنّ المرأة تأخذ القسط الأكبر من الحريّة ونعتهم بمحادثتها بإسلوب الكراهية هو تبلّي عليهم كرجال.

مبينة، أن أي نوع من خطابات الكراهية نحن أمامه، إذا ما قورنت أجزاء الحريّة التي بقولهم تستحوذ عليها النساء، بمفهوم الحرية العابر للأفكار والقولبة والأُطر المجتمعية.

وأضاف “أمّا بالسلوك المتوارث المغلوط، مازال المجتمع يقع ضحيّة ذاته بخطاب الكراهية الوراثي، وتكون بالكثير من الأحيان المسبب لهذه الضحايا من النساء، فالأمثال الشعبيّة وعُمق عبرتها المحفوظة بأذهان الناس، لا تقلّ خطورة عن الكلام المدفوع والفوري، كقول (طب الجرة عتما بتطلع البنت لأما)، أو (عقربة عالحيط ولا بنت بالبيت)، وأيضاً (يا جايب البنات يا حامل الهم للممات)”.

مشيرة بأنه ما إن أمعنّا التفكير بهكذا مصطلحات، سنجد خطورة تشكيل الصور النمطيّة المسبقة، ودرجة انتهاك الحقوق فقط لما بين الجنسين على ما أخرجته توارث العادات.!

خطاب الكراهية ضد المرأة، قوبل بالكثير من التحذيرات الأممية والقانونية عبر الدول والمنظمات، إلّا أنّه ولغاية الآن لم تتوقف التحذيرات والدعوات للحدّ منه، ففي 21 تشرين الأول/أكتوبر 2019، صرّح خبير بالأمم المتحدة، بأنّ الحكومات وشركات الإنترنت، قد أخفقت في محاربة خطاب الكراهية في العالم الافتراضي، وفضّلوا إفشال محاربة الكراهية لأغراض سياسيّة أو ربحيّة، مما يضعنا أمام اسلوب آخر يهدد النساء بالتعنيف عبر الخطاب المحظور، ويزيد من تفاقم المعاناة.