غياب القانون يعزز الجرائم الانتقامية

وسط غياب المحاسبة، وتراخي الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون، وضعف السلطة الاجتماعية،  تزايدت الجرائم الانتقامية، ذات الدوافع الثأرية، في السويداء، لتُسجل المحافظة جرائم قتل عديدة، أخرها يوم الأمس، عندما فتح مُسلحٌ النار، على أيمن رفاعة رضوان، أمام مدخل بيته على طريق قنوات، مما أدى إلى مصرعه.

القاتل ارتكب الجريمة بشكل علني، وأمام أعين المارة. ليتضح لاحقاً، أنه شابٌ من آل القنطار، قُتل شقيقه مطلع العام الحالي، باشتباكات بين فصائل مسلحة، لم يكن طرفاً فيها، بحسب ادعاء عائلته.

ذلك الاشتباك وقع في شهر شباط/فبراير الماضي، بين مجموعة أشخاص في مدينة السويداء، ينتمون لعائلات وفصائل مختلفة، أدى لمقتل الشابين حسام رضوان، ورأفت القنطار، وإصابة عدة أشخاص بجروح. ومنذ تاريخ الحادثة استمرت التداعيات، ومحاولات عقد صلح عشائري بين عائلات الضحايا، دون أن تثمر عن أي نتائج.

آل القنطار، صدر عنهم بيانٌ في اجتماع عام، بتاريخ 27/2/2021، استنكر تلك الأحداث التي “نتجت عن الفوضى وعدم احترام القانون والقيم والعادات والتقاليد الشريفة والأخلاق النبيلة من قبل ثلّة من الخارجين عن آداب ذويهم وعائلاتهم”، وأعلنوا مهلة غير محددة، لتسليم أربعة أشخاص، متهمين بقتل الشاب ناهي القنطار، للجهات المختصة، ومحاسبتهم قضائياً، أو رفع الغطاء العائلي عنهم، ومن بين الأسماء التي ذكرها بيان العائلة، قتيل الأمس، وابنه. لكن المتهمين بتلك الأحداث، لم يخضعوا لأي محاسبة، وفشلت جميع الوساطات الاجتماعية في حل القضية.

فيما أعلن آل رضوان، أمس السبت، أن مقتل المواطن أيمن رضوان أمام منزله، “جريمة بشعة يندى لها الجبين”، وشددوا على أن هذا “الفعل الجبان لا يمثل الا من قام به” مؤكدين للجميع أنهم غير مسؤولين عن أي تصرف يقوم به أي شخص أو أي  فصيل، لاستغلال الحادثة، وأشار البيان إلى أن العائلة تسعى بالتعاون مع  “الشرفاء والجهات المختصة لكشف الفاعلين وتقديمهم للعدالة”، وطلب من الجهات المختصة أخذ دورها ومهامها الموكلة اليها، بالكشف عن هذه الجريمة البشعة والجرائم التي ارتكبت سابقاً والقاء القبض على الفاعلين لينالوا جزاءهم العادل. لكن الجهات المختصة، لم تتدخل في كلا الحالتين، مما يفتح الباب أمام جرائم جديدة، في حال لم يجد عُقلاء المحافظة، حلاً لهذه المسألة.

العنف لا يولد إلا العنف، وغياب القانون يعزز الجرائم الثأرية والانتقامية، التي تحاكي عهوداً سابقة، مرت على المجتمع وغاب عنها تطبيق القانون والرجوع إليه. والخطير، أنها ترسخ لدى المجتمع نزعات عائلية، ذات طابع جديد، خاصة أن المستحدث في الحالة خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط غياب سلطة القانون وحسب، بل امتدت لتصل إلى ابعاد وتجاهل السلطة الوجاهية القائمة على سلطة وجهاء العائلات على أفرادها، سواء في محافظة السويداء ودرعا أو باقي المناطق السورية، التي يغلب على سكانها الطابع العشائري، فهذه الحالة المأساوية لا يمكن أن تنتهي، إلا بوجود قانون يحتكم له الجميع، ويقوم على العدل والمساواة.