نطلب الخبز فيعطونا الرصاص

يطلب الشعب الجائع الخبز، فترد السلطة بالرصاص الحي. لكن الجوع منقطع النظير، والفقر مستشر وعام، والغضب يعمي القلوب والعقول. لا كهرباء لتضيء ليلينا المديد الطويل. لا محروقات لنتدفأ. نطلب الخبز، فيعطونا الرصاص الحي. واليوم بعدما سقطت كل مقومات الدولة السورية، لم يبق للسلطة سوى أجهزتها الأمنية. وهنا لا بد من التوضيح بأن لا شرعية لسلطة تعجز عن ابقاء أي مؤسسة منتجة تعمل. سلطة حطمت كل مقومات الدولة، ولكنها ما زالت تطالب بالمزيد. المزيد من جوع الناس وذلهم.


والمضحك، أن وزارة الداخلية في سلطة أجهزة الأمن، خرجت في بيان تقول فيه إن خارجين عن القانون مسلحين داهموا مبنى حكومياً، وأنها ستلاحقهم. المبكي أن الخارجين عن القانون هم أبناء الشعب، بينما سلطة القانون هي من تسرق قوت الناس، وتسمح بتحويل بلد كامل إلى مصنع للمخدرات تغزو به الدول المجاورة. سلطة لا تخجل من ادمان شبابها للمخدرات، ومن قطع الشجر وتحويل البلد إلى صحراء. سلطة لا تخجل من فرض “تسويات” على جيل الشباب بعدما حرمته من التعلم والعمل، وتركت له طريقين: خدمة عسكرية لحماية سلطة المخدرات، أو الانخراط في الجريمة المنظمة لحماية تجار المخدرات.


لا شرعية لسلطة عاجزة عن تأمين الطعام والدفء للشعب. لا شرعية لمن يلاحق الناس بالضرائب والرشاوى ولا يقدم لهم سوى الوعيد والتهديد. لا شرعية لمن يعجز عن تسويق موسم التفاح ويسمح لعصابات التحطيب بقطع كل اشجارنا، ومن يمنع وصول المساعدات الدولية، ومن يسمح بفتح الحدود لتهريب المخدرات إلى الأردن، ويمنع فتح معبر رسمي معها من السويداء. لا شرعية لمن يميز بين السوريين بناء على خلفيتهم الطائفية والمذهبية.


اليوم، إذا ما أردنا التفكير الجدي بمستقبلنا، بسهولة يمكن القول بأن لا مستقبل لنا في ظل سلطة المخدرات والأمن. ولكن، هل نحن قادرون على مواجهتها؟ هل لدينا القوة لاسقاطها بالقوة؟ لا. فلنكن واقعيين. هذه السلطة كما قلنا في البداية عارية من الشرعية، وليس لديها سوى العنف تقدمه للسوريين. هل من حلول بديلة تقينا شر المواجهة معها؟ بالتأكيد. هنا يجب أن نفكر بشكل جماعي تضامني. المؤسسة التي لا تعمل، علينا تأميمها.

عندما تفشل مؤسسة الماء عن ايصال الماء للناس، علينا اعادة تنظيمها من البداية، وتعيين مجلس ادارة جديد لها وتأمين الحلول لها. هذه هي الوطنية الحقة. رفع يد الأجهزة الأمنية والحزبية عن ارادة الناس وخياراتهم. الأمر نفسه ينطبق على مؤسسة الكهرباء، والمحروقات وغيرها. الأمر نفسه ينطبق على كل المؤسسات. نحن بحاجة للدولة السورية، لا لسلطة المخدرات والأمن. نحن بحاجة لاخوتنا السوريين. فليكن هذا نداء للهدوء والتعقل، والتفكير. نريد سوريا جديدة، جديرة بنا وبمستقبل أبنائنا.