السويداء: زراعة القمح بين الجفاف وارتفاع التكاليف

مع انقضاء الأيام الاخيرة لأربعينية الشتاء، لم يتجاوز معدل الأمطار في محافظة السويداء حتى اليوم، نسبة 25% من المعدل السنوي، ما يثير قلق مزارعي القمح والشعير من موسم سيء. ويعزز مخاوفهم ارتفاع تكاليف الزراعة، وعدم توفير الحكومة مخصصات كافية من المحروقات.

أربعينية الشتاء التي تعدّ الفترة الأمثل لزراعة محصولي القمح والشعير في السويداء التي تعتمد الزراعة البلعية بالدرجة الأولى؛ مرّت معظم أيامها بدرجات حرارة تفوق المعدل، وبنسبة أمطار متدنية، لم تتجاوز حتى الآن في منطقة عين العرب، اعلى مناطق الجبل، 98 مم، بنسبة 50% قياساً بنفس الفترة من الشتاء الماضي الذي كان جافّاً، ونسبة 19% من المعدل السنوي العام.

جفاف وتكاليف عالية

التقت السويداء 24 مع عدّة مزارعين من قرى مختلفة في ريف السويداء الشرقي، ليؤكد اثنين منهم امتناعهما عن زراعة القمح والشعير في الموسم الحالي، بسبب الجفاف بالدرجة الأولى، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الزراعة. أما الثالث، أشار إلى أنه غامر بزراعة 10 دونمات بالقمح، من أصل 100 دونم اعتاد على زراعتهم سنوياً، “قد أُضمّن المحصول لرعاة المواشي إذا لم ينمو، لأعوض بعض الخسائر”.

ارتفاع تكاليف الحراثة، في ظل النقص الشديد بالمحروقات وغلاء أسعارها، يعدّ سبباً رئيسياً مع الجفاف. في الريف الشرقي باتت تكلفة حراثة الدونم الواحد، تبلغ 20 ألف ليرة سورية، مع لترين من المازوت، تبلغ تكلفتها بالسوق السوداء 12 ألف ل.س، أي يتكلّف المزارع 32 ألف ليرة فقط للحراثة.

كما يحتاج الدونم الواحد ما بين 5-7 كيلو من بذار القمح، تبلغ تكلفتها وسطياً حوالي 12-15 ألف ليرة خارج مؤسسة إكثار البذار. وبالتالي تبلغ تكلفة زراعة دونم واحد بالقمح، أكثر من 45 ألف ليرة سورية، والعشر دونمات 450 ألف ليرة. وكانت تكلفة زراعة الدونم الواحد في العام الماضي، لا تتجاوز 25 ألف ليرة سورية.

تلاعب في مخصصات المزارعين


أعلنت مديرية زراعة السويداء، توفير أكثر من 552 ألف ليتر مازوت، على السعر المدعوم، لتنفيذ خطّة زراعة محصولي القمح والشعير في المحافظة. ونسبة التوزيع هذه تبلغ 50% من المخصصات الكلية البالغة مليون و100 ألف ليتر. وحسب استطلاع للسويداء 24، حصل كل مزارع على ليتر مازوت واحد عن كل دونم حتى الآن في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى كانت نسبة التوزيع متساوية بين الفلاحين بغض النظر عن عدد الدونمات.

ولا تبدو أرقام مديرية الزراعة دقيقة، ما يرجح فرضية التلاعب بمخصصات المزارعين. في بلدة حبران جنوب السويداء، أكد عدّة مزارعين التقت معهم السويداء 24، أن مزارعي البلدة حصلوا حتى اليوم على 700 ليتر مازوت فقط، بمعدل 5 ليتر لكل مزارع، سواء كان يملك 5 دونمات، أو 50 دونم. واعتبر مزارعو حبران هذا التوزيع غير عادل.

وما لم تذكره مديرية الزراعة، أنها اشترطت على المزارعين في السويداء، عبر الجمعيات الفلاحية، زراعة محاصيلهم حتى توفّر لهم الكمية المتبقية من المازوت، وبالتالي تمنح المديرية 50% من المخصصات قبل زراعة المحصول، و50% بعد زراعته. والملفت أن الكثير من المزارعين امتنعوا عن زراعة أراضيهم، واستخدموا المازوت للتدفئة، لتخوفهم من حالة الجفاف.

وتبلغ خطة زراعة القمح بالسويداء للموسم الحالي، للبعل 35038 هكتاراً وللمروي 587 هكتاراً، فيما تبلغ خطة زراعة الشعير 21384 هكتاراً، بحسب بيانات الزراعة. في حين تؤكد مصادر السويداء 24، أن نسبة زراعة القمح، لا تتجاوز 40% حتى اليوم من نسبة الخطّة الحكومية، فالكثير من المزارعين، باتوا غير قادرين على المغامرة.

ويعد القمح محصولاً رئيسياً بين الزراعات في جنوب سوريا، وقد تسببت موجات الجفاف المتتالية منذ 2021، وارتفاع التكاليف وأزمة المحروقات، بتراجع حاد في انتاج القمح، في السويداء وعموم سوريا.