في بادية السويداء.. معاناة جندي تنتهي برصاصة

لقي مجند من الجيش السوري حتفه في بادية السويداء، وسط ظروف غامضة يصعب فيها الوصول إلى الحقيقة، إن كان الضحية مات مقتولاً، أو منتحراً. لكن ما لا شكّ فيه، أن الظروف المأساوية التي يعيشها عناصر الجيش في البادية؛ أحد الأسباب المباشرة.

المجند علي المصطفى، من مرتبات الفرقة 15 قوات خاصة. هو شاب في العشرينات من عمره، ينحدر من ريف حمص، ويؤدي الخدمة العسكرية في قطاع تلول الصفا. تلك التلول السوداء الصماء، في عمق البادية، التي لا يخدم فيها إلا “مقطوع النصيب، وأصحاب الحظ العاثر” كما يصف أحد المجندين.

صباح أمس الثلاثاء، سُمع دوي رصاصة في موقع قيادة قطّاع تلول الصفا، أثناء تواجد قائد قطاع الزلف العميد أيمن سلوم، ومسؤول موقع القيادة العقيد محمد الحصيني، مع عدد من الضباط، وسط أجواء متوترة بسبب انتشار شكاوى من بعض العناصر على صفحات التواصل الاجتماعي، عن سوء أوضاعهم، وانتشار الفساد والمحسوبيات.

استقرت الرصاصة في صدر المجند علي المصطفى، وسرعان ما فارق الحياة بسبب النزيف، أثناء محاولة  مسؤول الموقع إسعافه. أثارت الحادثة ذهول جميع العناصر في الموقع، وقيل لهم، إن زميلهم انتحر مطلقاً النار على نفسه. “ربما يكون انتحر فعلاً” كما قال أحد زملائه، فالضغوط النفسية التي يعاني منها عناصر الجيش في البادية، تفوق أي وصف.

وعلى إثر الحادثة المؤسفة، وصلت رسائل للسويداء 24 من بعض عناصر الجيش في البادية، نقتبس منها “نحن زملاء الشهيد نطالب كافة الجهات المعنية بفتح تحقيق كامل حول مقتل الشهيد علي المصطفى وعدم التهاون ابدا مع الجريمة”.

وأضافت الرسالة “حيث دخل اليوم العميد ايمن سلوم الى قطاعنا مع عدد من الضباط لنتفاجئ بعد قليل بإقدام علي المصطفى على قتل نفسه هل إلى هذا الحد اصبحت ارواحنا رخيصة هل إلى هذا الحد لا يوجود رقيب ولا حسيب، علماً أنّ قطاع الزلف بالكامل يعاني كتير من المشاكل”.

لكن بالمقابل، أفاد مصدر عسكري في نفس القطاع، وبعد انتشار الخبر، أن التشكيك بوجود جريمة قتل، هدفه التشهير والإساءة للعميد أيمن سلوم، الذي قال المصدر إنه حل الكثير من المشاكل في القطاع منذ تولّى مسؤوليته قبل بضعة شهور. وأضاف أن ما يتم تداوله لا يستند لأدلة ملموسة، وربما يكون مصدره اشخاص ملاحقون من القضاء بقضايا فساد.

الفساد والمحسوبيات، نقص مخصصات الطعام، ندرة المياه التي لا يحق للعنصر الواحد إلّا 10 ليترات منها يومياً، مع حرمان غالبية العناصر من إجازاتهم في موعدها المحدد، بسبب “تفييش” المقتدرين منهم -دفع الرشاوى مقابل إجازات طويلة الأمد- وحتى عندما يحصل العنصر على إجازة، فإنه يحتاج دفع كامل راتبه الشهري، للعودة إلى منزله وقضاء إجازة مؤقتة، إن كان من محافظة بعيدة.

فلا يكفي لهيب الطقس في تلك الأرض القاحلة إلّا من الحشرات القاتلة والأفاعي، والتي تبعد عن أقرب منطقة مأهولة بالسكان 50 كم، حتى يضاعف التقصير والفساد من معاناة الجنود، وربما يدفع بعضهم للتفكير في إنهاء حياتهم فعلاً، خصوصاً وأن التسريح ليس إلا حلماً كسراب البادية، لهؤلاء العناصر المُجبرين على أداء الخدمة العسكرية.

يذكر أن السويداء 24 تتلقى دائماً شكاوى من عناصر الجيش في بادية السويداء، وتنشرها بشكل دوري، وربما كان أحد المشتكين هو المجند علي المصطفى؛ فهم لا خيار أمامهم إلّا التواصل مع صفحات الإعلام المحلي، كونه لا صدى لصوتهم ومعاناتهم على الإعلام الرسمي والحكومي، والشكوى هنا لقادتهم مذلّة، قد تكلف المشتكي السجن، ومن يدري، إن كلفته حياته ؟

تعليق واحد

  1. تعقيبات: انتحر قهراً.. عنصر من ميليشيا أسد يطلق النار على نفسه بحضور رؤسائه الضباط | جريدة مصدر