ريف السويداء الشمالي الشرقي: فوق الموتة عصة قبر

في ظل تردي الأوضاع المعيشية، تفرض مفرزة المخابرات العسكرية في شهبا، مع بعض ضباط الجيش السوري، إتاوات جائرة على أهالي قرى منطقة الأصفر، وذلك مقابل الحصول على الماء، والإقامة في منطقتهم !

أهالي قرى القصر والساقية وشنوان وغيرها في المنطقة المعروفة بتجمع قرى الأصفر، شمال شرقي السويداء، يواجهون ظروفاً قاسية، بين مطرقة الأوضاع المعيشية، وسندان فساد ضباط المخابرات والجيش، وفق ما قال أحد أهالي القرية “فوق الموتة عصة قبر”.

يقطن هذه المنطقة مئات المدنيين من عشائر السويداء. تدمرت الكثير من منازلها، وتلاشت الخدمات فيها، نتيجة الظروف الأمنية التي شهدتها. فالمنطقة سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي حتى عام 2017، وشرّد سكانها، قبل أن يستعيدها الجيش السوري في عملية عسكرية.

فرضت الأجهزة الأمنية إجراءات مشددة على السكان الراغبين بالعودة إلى بيوتهم في هذه المنطقة، كما استولى الجيش على بيوت كثيرة واتخذها نقاطاً عسكرية -أخلى بعضها مطلع العام الجاري بعد تحقيق للسويداء 24- خدمات معدومة، مدارس مدمرة، لا نقاط طبية، ولا شيء قابل للحياة.

فوق كل الظروف القاسية، تعرض المهجرون من أبناء هذه القرى في ريف درعا، إلى حملات أمنية للتضييق عليهم وطردهم، خلال الأشهر الماضية. لم يبقى خيار لكثيرين منهم إلا العودة إلى قراهم وبيوتهم.

وللعودة شروط متعددة، منها تقديم “ذبيحة”، أي رأس غنم للضابط المسؤول عن القطاع، و”ذبيحة” ثانية للضابط المسؤول عن بئر المياه. رغم أن سكان المنطقة يواجهون صعوبة في تأمين مياه الشرب، فالمنطقة كلها تضم 12 قرية، وعدد الآبار التي تعمل فيها ثلاثة فقط، وهناك ثلاث ضباط جيش مسؤولين عنها. لك إن تتخيل، للحصول على المياه، عليك تقديم ذبيحة، وإكرامية.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أن مفرزة المخابرات العسكرية في شهبا، تفرض على سكان القرى دفع مبالغ مالية تتراوح بين 500 ألف ومليون ليرة سورية، عن كل 6 أشهر إقامة. “هذا نحنا سكان أصليين ومواطنين وهيك يتعاملوا معنا، كيف لو كنا لاجئين عندهم”. يتساءل بهذه العبارة أحد الأهالي.

والمسكين من يتخلف عن الدفع ويحل عليه غضب الأمن العسكري، فتلفيق التهم للسكان “بسيط جدا” بالنسبة لهم. من لا يدفع المبالغ المطلوبة مقابل الإقامة في المنطقة، فإنه يعرض نفسه لتهمة دعم الإرهابيين، وربما تهريب السلاح، وأي تهمة تخطر على بال مسؤولي المفرزة.

أهالي القرى، ناشدوا قائد الفيلق الأول، الذي أنصفهم سابقاً كما يقولون، وتجاوب مع شكاويهم، كما طالبوا رئيس فرع المخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية بوضع حد لتجاوزات مفرزة شهبا، فالأهالي بالكاد يؤمنون قوت يومهم، والأوضاع لا تطاق ابداً.