هام| منظومة فساد تحرم أهالي السويداء من المازوت وتجني مئات الملايين من تهريب المادة

في ظل ارتفاع سعر برميل المازوت، بالسوق السوداء إلى 800 ألف ليرة، وتخصيص الحكومة ربع برميل، 50 ليتر، بالسعر المدعوم للأهالي، لم يتم توزيعهم حتى اليوم.

تكشف معلومات حصلت عليها السويداء 24 وتحققت منها، عن منظومة فساد من شخصيات متنفذة بالسلطة، تحتكر توزيع مادة المازوت الواردة إلى السويداء وتهريبها، لتجني عشرات الملايين يومياً، وتحرم الأهالي منها. كميات وأرقام كبيرة، فيما لو تم توزيعها على المواطنين بشكل عادل، تقيهم قسوة برد الشتاء.

200 الف ليتر مازوت يومياً إلى السويداء

يدخل إلى محافظة السويداء يومياً من 9 إلى 10 طلبات مازوت، سعة كل طلب 24 ألف ليتر. أي أن المحافظة يدخلها أكثر من 200 ألف ليتر مازوت يومياً. تُقسم الطلبات بين مخصصات للمؤسسات الحكومية كمديرتي الصحة والمياه، والنقل، والزراعة، والصناعة، والتدفئة المنزلية، دون وجود آلية واضحة للتوزيع، بحسب الجداول الرسمية التي تنشرها شركة المحروقات.

وتُبين الجداول، وجود محطات معينة، تحصل على طلبات مازوت بشكل يومي، بينها محطة المحروقات، والفلاحين، في مدينة السويداء، والشاعر في بلدة عتيل شمال السويداء، نظراً لارتباطات مستثمريها مع مسؤولي شركة المحروقات، وفرع حزب البعث، والفروع الأمنية على رأسها أمن الدولة، التي لها دور بارز في تحديد آلية توزيع الطلبات الواردة للمحافظة، دون أي صيغة قانونية، سوا أن فروع المخابرات والبعث، تتحكم بمفاصل الدولة. في حين تحصل بقية المحطات في المدينة والريف على طلب واحد كل شهر أو شهرين، بعد أن يدفع متضمنوها “خوة” لأمناء الفرق الحزبية في مناطقهم، تصل إلى مليون ونصف ليرة عن كل طلب.

تعاميم وهمية

آلية التوزيع تعتمد على تعاميم موقعة من لجنة المحروقات برئاسة المحافظ، وتوزع على الأفران والمصانع وباصات النقل، لكن مصادر من المحروقات، تؤكد أن معظم هذه التعاميم وهمية، ولا صحه للأرقام الموجودة فيها. إنما يتم التركيز على المحطات المذكورة، ليصار إلى سحب المادة منها، وبيعها إلى مراكز السوق السوداء في الثعلة والدور والمزرعة وعرى، ومنها إلى درعا، أمام أعين الناس في كل صباح. (يستطيع المواطن الوقوف يومياً على طريق المزرعة أو الثعلة ومشاهدة صهاريج المازوت تغادر من المحطات المذكورة غرباً).

70 الف ليتر تُهرب يومياً

بشكل يومي، يتم تهريب حوالي 4 طلبات مازوت، من محطة المحروقات، والشاعر، والفلاحين، إلى القرى الغربية، اثنين إلى الثعلة، واحد إلى المزرعة، وطلب واحد، يتم تقسيمه بين بلدتي الدور وعرى. ما يعادل 70 ألف ليتر تقريباً، سعر الليتر 500 ليرة في المحطات، يدفع مستثمرو المحطات 500 ليرة إضافية على الليتر، كثمن قطع البطاقات (حتى يكون التهريب قانونياً)  ويتم بيعه ب 3500 ليرة إلى مراكز التهريب، وبالتالي الربح 2500 ليرة بالليتر الواحد. وبحسبة بسيطة نجد أن المبلغ اليومي الذي تجنيه منظومة الفساد يصل إلى 175 مليون ليرة، ما يعادل 50 ألف دولار أمريكي !


حصة “الأسد” لأمن الدولة وفرع الحزب

تُقسم الأرباح بين منظومة الفساد، تبدأ بفرع الحزب وفرع أمن الدولة، المسؤولين عن تحديد الطلبات بشكل يومي إلى المحطات التي تهرب المادة، ويحصلان على حصة “الأسد” من الأرباح، كذلك مستثمري المحطات، ومسؤولي شركة المحروقات، أما سيارات تهريب المادة تتقاضى 50 ليرة عن كل ليتر، و50 ليرة أيضاً عن الليتر للواحد للمسؤولين عن مراكز التهريب في الريف الغربي. ناهيك عن المجموعات المسلحة أيضاً كونها ترتبط بالمستثمرين، وتحميهم، وتمتثل لأوامرهم، بقطع الطرقات عندما لا يحصلون على طلبات، من بينها جماعة راجي فلحوط في عتيل، التي تحصل على 6 آلاف ليتر بانزين شهرياً.

وكان مدير شركة المحروقات قد تعرض لمحاولة خطف أمام مبنى المحافظة قبل أيام، من إحدى هذه المجموعات، بسبب رفضه رفع طلب مازوت إضافي لمحطة الفلاحين. وتحدث المدير عن بعض ملابسات الحادثة في منشور على صفحته الشخصية.

قبل شهر كشفت السويداء 24 عن ملف فساد في المحروقات يتعلق بالآتاوة التي تفرضها الفرق الحزبية على المحطات للحصول على طلب مازوت. بعد التقرير بأيام وصلت لجنة تفتيش مركزية من العاصمة، وفتحت تحقيقاً، لكن دون الوصول لأي نتائج، (قد تكون حصلت على حصتها أيضاً)، ليبقى المواطن ينتظر 50 ليتر من مخصصاته، لا تكفيه أكثر من 10 أيام في فصل الشتاء، في حين أن منظومة الفساد تجني مئات الملايين شهرياً من تهريب المادة، التي لو تم توزيعها بشكل عادل، لاكتفى الأهالي طيلة فصل الشتاء، الذي يبدو أنه سيحل قاسياً على الأهالي، بعدها وصل البرميل إلى 800 ألف ليرة، وطن الحطب إلى 500 ألف ليرة.

وتجدر الإشارة إلى أن ملف الفساد لا يقتصر على مادة المازوت، فمادة النزين لها ملف أخر، تشرف عليه ذات المنظومة أو “المافيا” كما يسميها الأهالي، خصوصاً بعد تنسيق آلية جديدة تسببت في تأخر الرسائل للمواطنين، وسببت بتهميش محطات المحافظة، ليصبح الربح محصوراً في مجموعة محطات بالمدينة.