المدارس والآبار بلا مازوت.. والفرق الحزبية تنعم بالدفء

في وقت يستجدي مدراء المدارس في السويداء، أهالي الطلاب، للتبرع بمواعين الورق، ويشكون نقص مازوت التدفئة وعدم توفير مخصصات كافية، تنعم المقرات الحزبية بالورق والمازوت، ليس لممارسة السياسة كما يُعرف عن الأحزاب، إنما للتجسس، والنهب.

إذ كشفت إحدى السجلات التي استولى عليها المحتجون في أحد مقرات حزب البعث، وسط مدينة السويداء اليوم الثلاثاء، عن الكميات التي تستهلكها مقرات حزب البعث من مازوت التدفئة، التي لو خصصت لبعض المدارس، لاكتفى طلابها البرد القارس في فصل الشتاء.

فقط 7350 ليتر مازوت، استُهلكت في 24 فرقة ومقر لحزب البعث خلال خمسة أشهر، وفق تقرير احصاء عليه السويداء 24. ولو افترضنا وجود 125 مقر للحزب إلى مستوى المحافظة، فإن هذه المقرات بحاجة لأكثر من 37 ألف ليتر مازوت. ليس لشيء، إلا لينعم الرفاق بالدفء، عند كتابة التقارير وممارسة حرفتهم الوحيدة بالتجسس.

قد لا يكون هذا الرقم كبيراً في ملف احتياجات المازوت، لكنه يحمل دلالة هامة عن توفير كل ما يلزم لمقرات الحزب، من مقدرات الدولة، في وقت باتت هذه الدولة المخطوفة “عاجزة” عن تأمين أدنى الاحتياجات للمدارس، لمراكز الهاتف، لآبار المياه، لكل ما يخدم الشعب المنهك من تدهور أوضاعه المعيشية. حتى مواعين الورق، تتكدس في مقرات الحزب، بينما تُحرم مدارسنا منها.

ومن جديد، تؤكد البيانات والتقارير التي استولى عليها المحتجون في مقر الحزب المؤكد، عن منظومة تجسس ونهب وفساد، تهيمن على الحياة العامة منذ عقود، ولا تزال تختطف الدولة بكافة مؤسساتها.

مئات التقارير والبيانات تطايرت في سماء مدينة السويداء اليوم، حتى اكتسى الشارع المقابل للمقر باللون الأبيض. وكالعادة، لم يستثني الرفاق بعضهم البعض من التقارير الأمنية، ومراقبة نشاط كل ما يدب على الأرض، حتى “الطير الطاير”.

لم تسلم من تقاريرهم أحزاب “الجبهة التقدمية”، وهي الأحزاب التي جمّعها البعث كواجهة للتعددية المزعومة، مثل الحزب القومي وغيره من الاحزاب، بعدما نكّل أشد تنكيل بمنتسبي تلك الأحزاب على مر عقود، وطوّع منهم من عاد لبيت الطاعة. حتى هؤلاء، لا زالوا أعداء “الحزب الحاكم”، كما تكشف التقارير.

وبعيداً عن السياسة وتجاذباتها، لنعود إلى أوضاعنا المعيشية المزرية، والسؤال هنا لعامة السوريين، ولكل من يقرأ هذا المقال، لماذا تغدق الدولة بكل الاحتياجات على مقرات حزب البعث وتحرم مدارس ابنائنا منها ؟ ماذا تقدم لنا هذه المقرات كمواطنين لا نبحث إلا عن لقمة عيشنا ولم نعد نجدها ؟ إلى متى ستبقى منظومة التجسس هذه سيفاً مسلطاً على رقابنا ؟