يوميات أبو سليم: شيطان المال

مضت شهور وسليم يعمل مع عصابة تهريب المخدرات وتبييض الأموال، وأصبحت الأموال تتكدّس في صندوق أم سليم، المطعّم بالصدف، والذي احتفظت به كذكرى من جهاز العروس منذ زواجها، بينما صار أبو سليم يتذوّق حلاوة المال، فقد تغلّب شيطان المال على تعذيب الضمير، فالمال مفسدة وله سلطة قاهرة في دغدغة أحلام مكبوتة، وتغيّرت الأحوال بعد أن جدّدت أم سليم فرش المضافة وأصبحت القهوة المرّة ضيافة دائمة تقدم لزوارهم الكثر.

صار لأبي سليم كلمة مسموعة في القرية، وأصبح صاحب مشورة في حلّ مشاكل هذا الزمان كالخطف و سرقة السيارات و التعدي على الحرمات. أما أم سليم بعد ما كانت نساء القرية يهزأن منها ويدعونها بأمّ الفسا أصبحت ستّ النسا و أول المدعوات للمناسبات الإجتماعية.

ثلاث سنوات مضت، وشيطان المال يتربّع معرّشاً فوق بيت ابي سليم. كان سليم يأتي لزيارتهم كلّ مدة و يضع بين يدي أمّه رزماً من المال و يذهب.

لكن في إحدى ليالي الشتاء، دخل سليم عليهم يرتجف وينوح ليخبرهم بموت ابن عمّه فواز برصاص حرس الحدود الأردني، أثناء عملية التهريب الأخيرة، وتمكن هو من الفرار بإعجوبة.

نزل الخبر المفجع على أبي سليم كالصاعقة ، فكان إنذاراً أعاد أبا سليم إلى رشده و جعله يصحو من سكرة دامت طويلاً. ةحتضن ابنه نادباً : يا حيف.. يا باطل.. مش هني الّي قتلوك يا فواز.. نحنا الي قتلناك.. يا ويلي شو صار فينا.. عمانا المال الحرام.. سكتنا ع الغلط و كان الحساب دماتكن”.